أفكار وآراء

الطيران العماني والعمل التجاري

18 مارس 2017
18 مارس 2017

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

[email protected] -

يعتزم الطيران العُماني تدشين أحدث وجهاته إلى العاصمة الكينية “نيروبي” خلال الأسبوع المقبل بواقع أربع رحلات أسبوعية إلى هذه الدولة الإفريقية، فيما تتجه الجهود بتسيير الرحلات إلى مدينة مانشستر البريطانية خلال الفترة المقبلة، والتي كانت من المدن المجدولة في برنامج الشركة منذ بداية العام الماضي، وتأخرت لأسباب وظروف معينة. وهذه الرحلات بالطبع سيستفيد منها المسافرون والقادمون عبر مطار مسقط الدولي لربط ومواصلة رحلاتهم إلى الوجهات الأخرى المتجه نحو الشرق الأقصى وشبه القارة الهندية وأوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي. كما أن الرحلة المتجهة لنيروبي بكينيا وفق تصريح عبدالرحمن بن حارث البوسعيدي نائب الرئيس التنفيذي للشركة ستدعم من العمل التجاري مشيرا إلى أن حجم التبادل التجاري بين السلطنة وكينيا شهد تطورا كبيرا في السنوات السابقة، في حين فإن وجود خط طيران مباشر سيساهم في دعم وتعزيز حجم التجارة في شتى المجالات، فضلاً عن فتح آفاق أوسع من المشاريع الاستثمارية المتبادلة.

شركة الطيران العماني تعمل اليوم من أجل إيجاد مزيد من البدائل المتنوعة والخيارات المتعددة لاكتشاف الوجهات التجارية والترفيهية المميزة، وتسهّل بذلك الطريق على المسافرين من السلطنة للوصول إلى الدول التي يقبلون عليها دون الوقوف في المطارات الأخرى. وبذلك توفر فرص لآلاف المسافرين بهدف مواصلة أعمالهم التجارية والترفيهية بين مسقط ومدن الدول الأخرى. وقد أكدت الشركة في بيانها الأخير بأن افتتاح الوجهة الجديدة إلى العاصمة الكينية نيروبي تأتي بمثابة خطوة تترجم العزم على المُضي قدماً في خطة الطيران العماني التوسعية الطموحة على مستوى الأسطول وشبكة الخطوط.

ويأتي افتتاح هذه المحطات الجديدة في إطار سياسة الشركة بعدما تم بالفعل استلام عدد من الطائرات الحديثة، فيما تعمل الشركة في الوقت نفسه على افتتاح وجهات جديدة أخرى خلال السنوات المقبلة، مع العمل على تقديم أفضل الخدمات والمنتجات لراحة المسافرين على خطوطها، وذلك وفق البرنامج التوسعي الطموح الذي أطلقته الشركة في الربع الأخير من عام 2014م، ويسير وفق المسار المرسوم لها بناءً على خطة التطوير التي أقرها مجلس الإدارة في عام 2013م. وتعد شركة الطيران العماني واحدة من الشركات الحكومية التي تم إنشاؤها في عام 2003 كناقل وطني للسلطنة، حيث تبلغ نسبة مساهمة الحكومة العمانية 99.825% فيما تبلغ نسبة المساهمين الآخرين 0.175%. وانطلقت خدماتها على المستوى الإقليمي في بداية العمل لتصل اليوم إلى عدة دول في الشرق والغرب، وبذلك شهدت الشركة نموا متزايد سواء في عدد المحطات الجديدة أو في عدد العاملين لديها سواء من المواطنين أو الوافدين. ورغم أن البيانات المالية لعام 2016 غير متاحة حتى اليوم، إلا أن الشركة حققت في عام 2015 نتائج مالية إيجابية، إذ زادت إيرادات الطيران العماني بنسبة 14.1% في عام 2015 لتصل إلى حوالي 466 مليون ريال عماني، مما ساهم في تخفيض صافي الخسارة للعام الثاني على التوالي بنسبة 21.2% مقارنة بصافي الخسارة المحققة عام 2014، حيث بلغت نحو 86 مليون ريال عماني. أما عن عدد المسافرين على متن الطيران العماني فقد شهد هو الآخر نموا إيجابيا أيضا من خلال نقل 6.3 مليون مسافر في عام 2015 مقارنة بعدد 5.1 مليون مسافر لهم في عام 2014م، وتسيير أكثر من 28 ألف رحلة مرجعة. كما شهد عام 2015 الاستمرار في إضافة طائرات جديدة إلى أسطول الشركة فيما تم استلام طائرات ضخمة في العام الماضي أيضا، الأمل الذي يؤثر أيضا على أعمال الشركة في قطاع الشحن الجوي والتموين، كما شهدت الشركة نتيجة لذلك نمواً إيجابياً في قطاع الشحن الجوي وأعمال سياحية أخرى مرتبطة بحركة النشاط الفندقي والسياحي في البلاد، مع توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين. ومع هذه السنوات فإن الطيران العماني يشهد اليوم تطورا كبيرا ويصبح أكثر كفاءة في عملياته التجارية، الأمر الذي يساعد الشركة لتكون في وضع جيد يسمح لها بمواصلة خطط التوسع في توجهها نحو تحقيق الربحية خلال السنوات المقبلة.

لقد ألقت المتغيرات الاقتصادية العالمية بظلالها على أعمال العديد من الشركات في العالم سواء بالإيجاب أو السلب، إلا أن قطاع الطيران استفاد من هذا الوضع نتيجة لتراجع أسعار النفط العالمية الذي أثر على الطيران العماني على نحوين مختلفين وفق ما ورد في تقرير الشركة في العام الماضي. فقد أدى الانخفاض في أسعار النفط إلى انخفاض أسعار وقود الطائرات مما أتاح للشركة دفع مبالغ أقل فيما يتصل باستهلاك الطاقة وبالتالي تقليل الخسائر. كما أن هذا الانخفاض جنباً إلى جنب مع الارتفاع الجوهري في عدد الركاب وحجم الشحن المناول خلال العام مع استمرار تحسن الإيرادات الإضافية وضع الطيران العماني على قاعدة مالية إيجابية خلال العامين الماضيين 2015 و2016. وبذلك فمن المتوقع أن يحقق الطيران العماني إيرادات جيدة لعام 2016، في الوقت الذي تمكن فيه من تقليل خسائره للعام الثالث على التوالي. وقد أشار تقرير العام الماضي إلى أن الجانب السلبي لآثار انخفاض أسعار النفط على الشركة يكمن في تراجع مستوى الدعم المقدم من الحكومة للطيران العماني، إلا أن ارتفاع الإيرادات واستمرار برنامج التوسع والانخفاض المسجل في الخسائر يعني بأن الشركة قادرة على التقدم ومواجهة خفض مستوى الدعم المالي المقدم لها من الحكومة، في الوقت الذي تسعى فيه لتحقيق هدفه في الوصول لنقطة التعادل المالية بحلول نهاية العام الحالي 2017م.

لقد أصبحت شركة الطيران العماني واحدة من أكثر جهات التوظيف في السلطنة واستقطاباً للشباب العماني، فيما تواصل الشركة جهودها في الاستثمار لتنمية مهارات وخبرات وقدرات هؤلاء الشباب من خلال توسعة برنامج التوظيف ليشمل الطيارين العمانيين، بجانب تطبيق مبادرات تعليمية متنوعة تهدف إلى إعداد صفوة من قادة الأعمال العمانيين للمستقبل، إلى جانب دعم نمو قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السلطنة. وقد تجاوزت نسبة التعمين في الشركة 62.67% بنهاية عام 2015، الأمر الذي يؤكد استمرار برنامج التوسع في التشغيل وإحلال الكوادر العمانية في مختلف الأعمال التي تحتاج إليه الشركة، مع فتح فرص العمل للوافدين في الأعمال الأخرى.

لقد أصبح الطيران العماني في غضون السنوات الماضية مساهما رئيسا في عملية التسويق للبلاد من خلال الأنشطة والمعارض العالمية التي يشارك فيها، وآخرها معرض برلين السياحي الدولي الذي أقيم في الأسبوع الماضي في العاصمة الألمانية، الأمر الذي يؤكد بأن الشركة ملتزمة بإظهار عمق الثقافة والتراث والحضارة العريقة لعمان في الداخل والخارج. كما تعمل في الوقت نفسه على جعل العاصمة “مسقط” مركزا رئيسيا للحركة الجوية في الشرق الأوسط، والعمل على أن تكون محورا رئيسا في تعزيز الأعمال والأنشطة التجارية والصناعية والسياحية في البلاد بجانب النشاط الثقافي، مع العمل على تزويد أسطول الطائرات بأحدث الأجهزة والمعدات لتقديم أرقى مستوى من الخدمات، والمُحافظة على أعلى مستويات السلامة والأمان والارتقاء بمستوى الأداء بوجهٍ عام، بهدف أن تصبح في طليعة الشركات العاملة في صناعة الملاحة الجوية في المنطقة والعالم. وبذلك تقوم بين فترة وأخرى بإجراء التعديلات على برامجها وأعمالها لمواجهة متطلبات المرحلة المقبلة من العمل الجوي ومواجهة المنافسة في هذا المجال.