Ali
Ali
أعمدة

أوراق: سوق المسيلة

15 مارس 2017
15 مارس 2017

علي بن خلفان الحبسي -

[email protected] -

التجارة قديما في عمان سطر الآباء والأجداد تاريخها بأحرف من ذهب، وصالوا وجالوا البلاد وخارجها شرقا وغربا، وخاض العمانيون البحار باللنجة والهورى والمجداف، وقبل أن يخوضوا البحار خاضت قوافلهم البوادي والسهول وقمم الجبال، وجاهدوا تضاريس المناخ صيفا وشتاء وأنشؤوا الأسواق وعمروها، ووجدت عشرات القوافل من النوق من أجل التجارة والعمل فيها بكل اقتدار وصبر وعزيمة.

هذه الأسواق كانت قديما مدرسة تعلم منها العديد من التجار الذين تداولوا المهنة أبا عن جد، فكانت هذه التجارة وقصصها عاش على معينها العديد من الأسر، وكانت في وقتها رافدا اقتصاديا مهما ليست على مستوى الفرد فقط بل أن المجتمع والبلاد استمد اقتصادها منها، وفتحت دكاكين هذه الأسواق فرصة العمل الواسعة الأبواب لأبنائه وعاشوا في أمن ورخاء اقتصادي.

سوق المسيلة بولاية المضيبي بمحافظة شمال الشرقية واحدا من أعرق الأسواق بالسلطنة ونموذجا لمدى حجم التجارة آنذاك، ما زالت ملامحه المتهاوية ترتسم في محيا ووجوه من عاصر السوق بخسائره وأرباحه، ممرات ضيقة ودكاكين صغيرة وارفف متواضعة وسلع بسيطة وتعاملات أبسط كانت سيدة الموقف بين المواطن وأخيه، في وقت كان ليس للوافد قاموس ولا للاحتكار سبيل ولا للغش منفذ.

سوق المسيلة بضفتيه الشرقية والغربية تتناثر محلاته اليوم شرقا وغربا ولم تتبقى سوى سنوات وينتهي من خارطة الأسواق، وما بقي من محلاته اليوم سوى مراتع للمخلفات وتراكض القطط وأكوام من الجذوع المتساقطة وعقود متدلية ومحلات أخرى، جدران بلا سقف ومنه محلات موصدة الأبواب تخفي خلفها ألف حكاية وحكاية من دفاتر حسابات وبقايا القفران وقناديل معلقة ورائحة الشياب وبقايا من القرط والليمون اليابس.

فيما السوق أضحى حاليا أطلال ينبش الذكريات يزوره عشرات السياح من خارج البلاد وداخلها والدهشة تملئ وجوههم عن هذه الأسرار الدفينة المهملة التي يجب أن تكون أفضل من هكذا إذا ما وجدت اليد الحانية من قبل أصحابها والحكومة من أجل ترميمه وعودة الروح له كسابق عهده، حتى لا تنتهي وينتهي معها جيل عاصرها وتطوى صفحاتها كسجل خالد يجب أن تبقى ويتداول سيرتها الجيل القادم.