abdallah
abdallah
أعمدة

هوامش .. ومـتون: السفر داخل 12.114 مترًا مربّعًا!

04 مارس 2017
04 مارس 2017

عبدالرزّاق الربيعي -

[email protected] -

أحسستُ حين عدتُ للبيت، أمس، بعد أن أغلق معرض مسقط الدولي للكتاب أبوابه، مختتما فعّاليّاته بعد عشرة أيّام من انطلاقها، إحساس عائد من سفر!

وأيّ سفر ممتع !

والجميل أن هذا السفر لم يكن يحتاج إلى جواز سفر، وبطاقة شخصيّة، وتذكرة طيران، ولا مودّعين، ولا مستقبلين، لا لأنّه سفر قريب من محافظة إلى محافظة، أو من ولاية إلى أخرى، بل، لأنه كان داخل مساحة تبلغ 114ر12 مترًا مربعًا هي المساحة الإجماليّة لمركز عمان للمعارض، والمؤتمرات الذي أقيمت على أرضه فعاليات معرض «مسقط» الدولي للكتاب بدورته الـ22

وكعادتي، كلّ ليلة عدت للبيت،عشيّة اختتام المعرض، محمّلا بالأكياس المليئة بالغالي، والنفيس، مسرورا بما حملت، كما يفعل أيّ مسافر حين يغادر الفندق، أو محلّ إقامته، صباحا، خالي اليدين، ويعود محمّلا بما رغبت به نفسه، وتوجّهاته، في جولته خلال سفره من هدايا، وحاجات يحملها معه حين يعود من تلك الرحلة إلى أهله الذين يترقّبون عودته، ومعرفة تفاصيل عن البلاد التي سافر إليها، وما حمل معه منها.

لقد كانت أياما حافلة بالأنشطة، مضيئة بوجوه الأصدقاء، والأحبّة، ثريّة بالحوارات، والنقاشات، واللقاءات، فقد استقبلنا ضيوفا، كنا نتوق إلى رؤيتهم، ومجالستهم، وتعرّفنا على أشخاص جدد لم نكن سنجتمع بهم، لولا المعرض الذي تجاوز الفكرة التقليديّة المتشكّلة عن المعارض كونها أسواقا لبيع الكتب، ليصبح تظاهرة ثقافيّة، سنويّة، تجتمع بها المعرفة، والشعر، والنقد، والسرد، والتشكيل، والمسرح، وقد تعدّدت أنشطة المعرض، في هذه الرحلة، ولم أقل الدورة، فإلى جانب عرض الكتب، ولقاء الناشرين، والجلسات الشعرية، وحفلات توقيع المؤلّفين على إصداراتهم، كما اعتدنا، في كل دورة دورات المعرض، شملت تقديم عروض مسرحيّة للأطفال، ومسرح الشارع، وتنظيم عدد من حلقات العمل في الرسم، والكتابة، والتأهيل الذاتي، وتطوير المهارات، وإقامة معرض في فن النحت، وآخر في الرسم، وكانت تقام العديد من الأنشطة المختلفة بوقت واحد، فيختار الزائر، أو السائح، كما أجيز لنفسي تسميته، لأنّني جعلت قاموس السفر، منطلقا لي في هذه المساحة، ما يناسب ميوله، ورغباته، فالذي يحبّ الفنّ التشكيلي يجد ضالّته، والذي يهوى المسرح يتوجّه لمكان العرض المحدّد، والذي يصطحب طفلا، ففي ركن الطفل أكثر من نشاط، وفعاليّة، وإن تعب، ففي المركز،المصمم بشكل جميل، وأنيق، الكثير من المرافق الخدميّة، من مطاعم، ومقاه، وأماكن استراحة، رغم أنّ البعض من تلك المرافق ما زالت في طور التشكّل، كونه في بدايات تشغيله، وحتّى مكان الوصول إليه لم يكن من السهل على البعض، لكن من المؤكّد أنّ هذه التفاصيل يمكن معالجتها في الدورات القادمة، بخاصّة بعد اكتمال تشييد قصر المؤتمرات، والفنادق، وبقية المشاريع التي هي قيد الإنشاء حاليّا.

وقد لاحظنا المتابعة اليوميّة المستمرة من اللجان التنظيمية للمعرض، وتواجدهم طوال تلك الأيّام، وعلى رأسهم معالي د. عبدالمنعم الحسني الذي كان يتابع كلّ صغيرة، وكبيرة، ساعيا مع تلك اللجان إلى تذليل ما يعترض سير عمل الناشرين، والزوّار، فصيّر بهذا الاهتمام للكتاب وزارة، هو وزيرها، كما أشرت خلال الأمسية الشعرية التي شاركت بها إلى جانب الشاعر عدنان الصائغ، والشاعرة بروين حبيب، وقدّمتها د. ميساء الخواجا.

وكانت الإضافات الثقافيّة التي شهدها المعرض تستحقّ الإشادة، وفي مقدّمتها فعاليّات جناح الجمعيّة العمانيّة للكتاب والأدباء، التي أقيمت بـ «مقهى نون»، وأنشطة مؤسسة بيت الزبير، وبخاصة فعالية «جهة النبع» التي أدارها الإعلامي سليمان المعمري، وتم خلالها مناقشة، تجارب إعلاميّة عملت في مجال الصحافة الثقافيّة العمانيّة، ضمن جدول يومي، وفعاليات أجنحة النادي الثقافي، وجائزة السلطان قابوس للآداب والفنون، وصحار ضيف شرف المعرض، وأنشطة دار الورّاق، وركن «خير جليس»، واللجنة الوطنيّة للشباب، وصحيفة « أثير» التي سجّلت أوّل مشاركة لصحيفة إلكترونيّة في المعرض، والفرق المسرحيّة كفرقة كمسرح هواة الخشبة التي قدّمت عدّة عروض للأطفال، إلى جانب دور النشر الخليجيّة، والعربيّة التي يشارك بعضها للمرّة الأولى كمركز جمعة الماجد الذي عرض مطبوعاته للجمهور في الأيام الأخيرة، بدون مقابل، سوى خدمة المعرفة، وتعزيز قيم الجمال.

ولا يمكن الحديث عن هذه الرحلة دون الإشادة بالحضور الإعلامي للقنوات التلفزيونيّة، والإذاعات، والصحف المحليّة، والعربيّة التي غطّت أنشطة الرحلة الممتعة التي كم تمنّينا أن تطول!.