شرفات

هوامش

27 فبراير 2017
27 فبراير 2017

عادل محمود -

ـ 1 ـ

في الخيال الذي تختص به النخب المفكرة، منذ العصور الوسطى، كان بوسع الأفكار أن تؤلف يوتوبيا لا هدف لها سوى المساواة وانعدام المظالم، ولكن بمجرد نشوء التعارض بين الفكرة والسلطة كانت تحدث مجزرة الأفكار ومجزرة البشر.

المفكر البريطاني توماس مور أحد أهم مؤلفي اليوتوبيات المبكرة، تم قطع رأسه- حامل الأفكار- بمجرد اعتراضه على أن يضيف الملك إلى مجمل ألقابه: رئيس الكنيسة، في حين أنه هو شخصياً، كان، قبل سنة واحدة، هو من أطلق حكمته الحمقاء: بوسع الملك أن يكون أباً للشعب لا «سيد العبيد».

ـ 2 ـ

بسبب المصالح، التي مللنا من الحديث عنها، والتي صورتها الحروب على أن الحروب ضد الديكتاتوريات العربية هي رسالة أخلاق، ومجلبة لسعادة افتقدها أشقياء البشر طوال قرون، افترشت العراء مليون ونصف امرأة عراقية... العراء، في كرنفالات التشرد في مختلف أصقاع الصقيع، وأركانات الحر والجوع.

أعداد الأرملات المليون وستمائة ألف امرأة.

كل ذلك تم في وضح الأخلاق ووضح النهار.

ـ 3 ـ

هكذا... أنتج الإنسان المعاصر مجموعة هامة من الأدوات القصوى، أدوات العمل، أدوات الحرب، أدوات الزينة، وأدوات الشفاء، واللهو...

والآن... عالمنا منهمك بإنتاج أدوات الرحيل من الحياة. في منافسة تؤمن أفضل أنواع السلع، يرافقها ظهور أسوأ أنواع البشر.

ـ 4 ـ

بنى نابليون جيشاً، بعد هربه من السجن في جزيرة «ألبا» 1815 . وانطلق بهذا الجيش ليسترد العرش من الملك لويس الثامن عشر.

وفي الطريق...كانت تصله كتابات وتحليلات في جريدة «مونتيراونيفرسال» والتي كانت ، قبل سجنه، جريدته الخاصة: «إن الفرنسيين يتشوقون لهفةً للموت دفاعاً عن الملك ضد نابليون.

وهذه هي الصفات، التي أطلقتها الجريدة عليه:

مغتصب الوطن، المأجور، الأجنبي، الخارج عن القانون، المستغل، الطاغية، الوباء، زعيم قطاع الطرق، عدو فرنسا. نابليون شخص مجنون، وسيكون هجومه هذا آخر أعماله الجنونية.

ولكن نابليون ما لبث أن جلس على عرش فرنسا. دون أن يطلق طلقة واحدة. لأن الملك لويس، ببساطة، لم يدافع عنه أحد، وهرب بجلده فقط.

المهم...

ما الذي فعلته صحيفة الشتائم؟

أول شيء كتبته: «أحدث خبر دخول نابليون السعيد إلى العاصمة ابتهاجاً مفاجئاً وعاماً. الجميع يتبادلون العناق. وهتافات «يحيا الإمبراطور» تملأ الأجواء، ودموع السعادة تملأ كل العيون. الجميع يحتفلون بعودة بطل فرنسا ويتعهدون لجلالة الإمبراطور بالامتثال والخضوع الكاملين.

ـ 5 ـ

ما الذي ستسفر عنه الحوارات في أستانا أو جنيف بالنسبة للحرب السورية؟ لا داعي للتكهن الآن/‏‏‏ اليوم أي قبل أسبوع من نشر هذه الكلمات. ولكن المفارقات هي التي تفضح المفاوضات. وألخصها بهذه المفارقة:

فيما تقدم الأسلحة الحديثة (آخرها طائرات من دون طيار، أصبحت أحد أسلحة، لا الجيوش، بل الميليشيا...) أفضل أنواع الدقة...بينما، وهي تفعل ذلك، تساعد على ظهور أسوأ أنواع الناس، وأكثر أنواع الحوارات عشوائية.

والناس في سوريا يُقتلون بأسوأ أنواع...اليأس !