914908
914908
مرايا

أهالي السودي وفجري والمحدوث يشقون طريقهم بأنفسهم مع كل موسم أمطار

08 فبراير 2017
08 فبراير 2017

يطالبون برصفه منذ أكثر من عشرين عاما -

استطلاع- نايف بن علي المعمري :-

ذكرنا طريق حاجر بني عمرـ السودي في وادي الحاجر بولاية الرستاق بقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يحزن لما يرى الغمام مقبلا عليهم بينما الصحابة فرحون، فيقول «حوالينا لا علينا يا الله». لعلمه صلى الله عليه وسلم بمدى تأثير تلك الأنواء على الدابة والجماد لو أصابتها مباشرة. هكذا هم أهالي السودي وفجري والمحدوث، فرغم أنهم يتمنون نزول الأمطار إلا أنهم يخشون تأثيرها على طريقهم الذي يربط قراهم ببلدة حاجر بني عمر. عشرون عاما مضت وهم يطالبون برصفه ، ومع كل موسم للأمطار يقومون بأنفسهم بإصلاح الأضرار التي تسببها الأمطار والأودية.

«مرايا» قامت بزيارة إلى ذلك الطريق مرورا بالقرى الثلاث التي كانت آخرها قرية السودي، وهي تبعد إحدى عشرة كيلو مترا فقط عن نهاية الطريق المعبد في بلدة حاجر بني عمر، وبالرغم من قصر تلك المسافة إلا أنها طويلة جدا مع تأثرها بالأنواء المناخية التي تتعرض لها معظم مناطق السلطنة مع كل موسم، والأمطار الغزيرة التي تهطل على وادي الحاجر، ودائما ما تهبط على إثرها الوديان وتلحق أضرارا كبيرة على الطريق؛ فيضطر أهالي تلك القرى إلى المشي في كل مرة لمسافات بعيدة، ويعملون لأوقات طويلة ومتأخرة من أجل ترميم ما أحدثته الوديان من خراب ودمار في بعض أماكن الطريق.

وعود لم تر النور

«مرايا» أجرت عددا من اللقاءات مع أهالي القرى الثلاث بوادي الحاجر، حيث يؤكد سيف الغافري أن طلبهم في رصف الطريق قديم تجاوز العشرين عاما، ولكنه لم ير النور، حيث يقول: طالبنا برصف الطريق ولا زلنا للأسف نطالب برصفه منذ أكثر من عشرين عاما، وراجعنا الكثير من المسؤولين ولدينا الوثائق والمراسلات الخاصة به، ولكن للأسف لم نجد شيئا على أرض الواقع سوى وعود من قبل المسؤولين.

من جانبه أيضا يؤكد سيف الغافري أن الطلب وصل إلى العديد من المسؤولين وفي مختلف الجهات المعنية ولكن دون جدوى إلى الآن، حيث يقول سيف: بعد العديد من المقابلات التي أجريناها خلال السنوات الماضية، حيث قابلنا ما يزيد عن ثلاث مرات مع وكيل وزارة النقل والاتصالات للنقل لكن إلى الآن لم يتم شيء في الموضوع، ومعالي الدكتور وزير النقل والاتصالات على اطلاع بالموضوع حيث قابلناه أيضا، ويستطرد الغافري بقوله: فمن خلال محاولاتنا السابقة على مدار السنوات التي مضت تم إحالة الموضوع إلى وزارة المالية، ثم من باب الاستعجال أيضا حسب قول المعنيين في وزارة النقل والاتصالات تم مخاطبة ديوان البلاط السلطاني من أجل دراسة الموضوع واستعجال تنفيذه، ولكن في الحقيقة في كل مرة نراجع فيها المسؤولين حول الموضوع يقولون لنا: إن شاء الله في الخطة الخمسية القادمة، علما أنها مرت على هذه الحال خطط خمسية أخرى ولم يرى النور.

ويؤكد سعيد الغافري أيضا أنهم قابلوا عددا من أعضاء مجلس الشورى من أجل رفع موضوعهم، ورغم الجهود التي بذلها بعض الأعضاء الممثلين للولاية وأعضاء المجلس الذين يدركون حاجة أهالي القرى الثلاث إلى رصفه، والمراسلات التي تمت في هذا الشأن، لكن لا زال الأمر معلقا، ولا يعلم الأهالي هل هناك موافقة فعلية لرصف الطريق أم لا، «الأمر مبهم» كما يقول سعيد الغافري، مضيفا: نطالب وزارة النقل والاتصالات بالرد الشافي عل الموضوع، وأين وصل، ومتى سوف ينفذ؟!

انقطاع الحركة

وحول المشكلات الناجمة عن عدم رصف الطريق يؤكد سليمان بن عبدالله الغافري وحمد بن خماد الغافري أن الطريق بوضعه الحالي لا يمكن أن تسير عليه السيارات الصغيرة بل لابد أن تكون من نوع الدفع الرباعي، والأهالي الذين يمتلكون سيارات من نوع صالون عليهم إيقافها في بلدة حاجر بني عمر أي مع نهاية الطريق المعبد، ثم يضطرون لانتظار مرور سيارات الدفع الرباعي للعودة بهم إلى قراهم.

ويضيف سليمان قائلا: أما في وقت الأمطار تنعدم حركة السير حتى الانتهاء من تعديل وترميم الشارع الذي يتم بجهود ذاتية فقط من قبل أهالي القرى الثلاث، والحقيقة هذه معاناة دائمة ولن تنتهي إلا برصف الطريق ونناشد بحلول عاجلة للموضوع.

طلاب المدارس

وأبرز ما يؤرق أهالي السودي وفجري والمحدوث هو الانقطاعات المتكررة لدوام أبنائهم في المدارس، إلى جانب التأخير اليومي المتكرر أيضا، والإرهاق الذي يصيبهم جراء الطريق الوعر ما يؤثر سلبا حتى على مستوياتهم التحصيلية، ما يعني أن عدم رصف الطريق له أبعاد سلبية أخرى قد تؤثر على مستقبل أبناء أهالي تلك المنطقة، هذا ما يؤكده مطر المعمري من سكان المحدوث الذي يتفق مع ما أكده لنا سعيد الغافري، حيث إنهما يعملان سائقين في وزارة التربية والتعليم، ويشعرون بالمعاناة اليومية التي تلحق بهم وبأبنائهم الطلاب، حيث يضيف مطر : لا أدري متى ينتهي هذا العناء الذي نحن فيه، فطلبة المدرسة يصيبهم إرهاق شديد كل يوم بسبب الشارع، وأحيانا أخرى نضطر إلى تركهم يمشون في بعض الأماكن الذي لا تستطيع السيارة أن تسير بهم وهم فيها، وخصوصا عندما يتأثر الطريق بنزول الأمطار وجريان الأودية. ويتساءل مطر المعمري: كيف سيكون حال الطلاب في المدرسة وكيف سيكون حال تحصيلهم الدراسي.

ويضيف سعيد الغافري أيضا بقوله: الطلاب يصلون إلى البيت مرهقين ومتعبين جراء الطريق، ورغم أنها مسافة قصيرة لا تتعدى أربعة عشر كيلو مترا تقريبا من أقرب مدرسة لهم، إلا أنها مسافة بعيدة جدا بالنسبة لهم بسبب وعورة الطريق.

نقل مواد البناء

ولا تقتصر مشكلة الطريق على انقطاع الحركة، وإنما أيضا في صعوبة نقل مواد البناء والاحتياجات الأساسية الأخرى للمعيشة، حيث يرفض المقاولون نقل مواد البناء إلى تلك القرى بسبب وعورة الطريق، ويقول سعيد الغافري في هذا الصدد: هناك مشاكل عديدة أخرى نعاني منها جراء عدم رصف الطريق، وخصوصا مشكلة نقل مواد البناء والاحتياجات الأساسية الأخرى للمعيشة التي يتطلب نقلها مؤسسات خاصة أو ما شابه، وتكمن المشكلة على سبيل المثال في نقل مواد البناء في صعوبة إيجاد المقاولين، حيث يرفضون أعمال المقاولات في القرى الثلاث بسبب الطريق، ويرفضون كذلك نقل مواد البناء إليها إلا بتكاليف باهظه ومضاعفة.

ويضيف سيف الغافري مع قول سعيد قائلا: وهناك مشكلة الاتصالات أيضا، ففي الحقيقة نحن الأهالي نشعر أن هناك أسعارا مبالغا فيها المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، فأسعارها ليست كما لو كنا في أماكن أخرى غير الوادي، ولا ندري لماذا!، إذ نعتقد أنها أيضا مرتبطة بمشكلة وعورة الطريق، هذا إلى جانب ضعف الشبكة في كثير من أماكن الوادي بل بعضها لا تتوفر الشبكة إطلاقا.

بين مشكلتين

ويؤكد من جلسنا معهم للحديث حول الموضوع أنهم بسبب الطريق عالقون بين مشكلتين كلتيهما مرّ، وهما: مشكلة عدم مقدرة بعض الأهالي على شراء مساكن في أماكن أخرى غير الوادي حيث لا تتوفر لديهم الإمكانات المادية للهجرة من المكان إلى مكان آخر أفضل سكنا وأقرب للخدمات كما فعل الكثير منهم من ذي قبل، وهم الذين توفرت لديهم الإمكانات للخروج من الوادي إلى البلدان المجاورة، ومشكلة الطريق غير المعبد، فليس أمامهم كما يؤكدون إلا أن يصبروا على المعاناة المتكررة ويبذلوا الحال والمال من أجل الطريق، فالأمطار الأخيرة وجريان الأودية التي تسببت في انقطاعات عديدة في الطريق وهو ما تعبر عنه الصور في الاستطلاع وهو خير شاهد على معاناتهم، وجهودهم الذاتية في إصلاح الطريق، فهذا المشهد وهذا الحال كما يذكرون هو مشهد وحال متكرر في كل مرة تهبط فيها الأمطار والأودية.