الملف السياسي

كل الأطراف احتاجت للحل السلمي

30 يناير 2017
30 يناير 2017

عبد الله العليان -

جاء مؤتمر آستانة بين الحكم  السوري والمعارضة المسلحة، باقتراح من روسيا وموافقة تركيا وإيران ، ليبرز أن مسألة البحث عن الحل السلمي، أصبحت حاجة و رغبة الجميع، بما فيها الأطراف الداعمة لكل الفرقاء، جاءت روسيا بمقترح لم شمل الأطراف المتنازعة بغية تحقيق حل مبدئي تتوافق عليه جميع الأطراف، تمهيداً لمؤتمر جنيف المزمع إقامته في شهر فبراير القادم ،  

ولم تظهر نتائج ملموسة عن هذا اللقاء بعد ،ولكنه يعد طريقاً ممهداً للمؤتمر المقبل، وهذا ما أكده البيان الختامي لمؤتمر آستانة الذي اعلنه وزير الخارجية الكازخستاني خيرات عبد الرحمانوف ، وتضمن أن الدول الثلاث ( روسيا وتركيا وإيران)، ستحاول» من خلال خطوات ملموسة وباستخدام نفوذها على الأطراف لتثبيت وتقوية نظام وقف إطلاق النار، والذي أنشئ بناء على الترتيبات المتفق والموقع عليها في 30 ديسمبر 2016، وبدعم من قرار مجلس الأمن 2336 لعام 2016، وإسهام الدول الثلاث في تقليص العنف والحدّ من الانتهاكات وبناء الثقة وتأمين وصول سريع وسلس ودون معوقات للمساعدات الإنسانية، تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2165 لعام 2014 وتأمين الحماية وحرية التنقل للمدنيين في سوريا». والحقيقة كما قلنا في مقالات سابقة إن القضية السورية، أصبحت قضية دولية بكل أبعادها ، والأطراف السورية المتنازعة، لم يعد لها ذلك القرار الماسك بكل الأوراق الضاغطة لكيفية الحل، و لعل هذا هو ما ساهم في موافقة هذه الأطراف على حل سياسي، يحافظ على ما تبقى من هذا البلد ومقوماته الأساسية، بعد تعثر كل الحلول السياسية في بداية الأزمة ، والقبول بمطالب المعارضة او التفاوض بشأنها ، قبل أن تتحول الاحتجاجات إلى العنف والعنف المضاد.

ولاشك أن العلاقات الروسية /‏‏ التركية بدأت بالتحسن بعد زيارة الرئيس أردوجان لموسكو قبل أواخر العام الماضي ، وكان ذلك سببا في صالح تقارب الدولتين اقتصادياً وسياسياً، ومنها التقارب حول حل الأزمة في سوريا، وانحسرت الخلافات كثيرا بعد الاتفاق على مواجهة الجماعات المتطرفة في المدن السورية، وادى ذلك، إلى التقارب بينهما والاتفاق على لقاء آستانة الشهر الجاري ، وهو ما يتوقع أن يسهم في الحل السلمي مستقبلاً، فالتقارب في وجهات النظر، وخاصة أن الشعب السوري يعاني معاناة كبيرة ، من جراء هذه الحرب المستعرة من 6 سنوات مضت، وهذا الدمار والقتل يومياً يساهم في تردي الوضع وربما يدفع إلى التقسيم . ويرى بعض المحللين ،أن هناك مصلحة مشتركة في تقارب الدولتين ، روسيا وتركيا ، من بعضهما البعض، لكن هناك بعض المواقف المتباعدة بدأت بالانحسار في الأسابيع الماضية ، منها منع وصول أية أسلحة إلى الجيش الحر، وبعض الفصائل السورية المسلحة، الذين تعتبرهم روسيا مجموعات إرهابية ، بعكس تركيا التي لها موقف آخر مع المعارضة المعتدلة وهو ما تخلت عنه روسيا والنظام مؤخراً، واعتبار المعارضة المسلحة، والمتمثلة في الجيش الحر خارج جماعات التطرف والعنف، وهو ما تحقق في هذا اللقاء بكازاخستان ، وهو نفس الموقف الأمريكي والغربي عموماً،ولا شك أن الحل أصبح اقرب حسب كل التوقعات والتكهنات، وأن كل الأطراف احتاجت للحل السلمي بالفعل، لكن الإشكالية في قبول الحكم بمرحلة انتقالية جديدة تلغي كل أساسيات النظام السابق ومنها البعيد عن التعددية السياسية ، وإجراء انتخابات جديدة للرئاسة، ودستور جديد وديمقراطية تعددية في سوريا، وكيفية موافقة الحكم على إلغاء أسس النظام القائم على الحزب الواحد، لكن التوقعات أن روسيا بدأت تراجع مواقفها من التطورات في سوريا ، والضغط من اجل قبول انفتاح سياسي على المعارضة السلمية، وهذا الأمر ضروري لإنهاء الصراع، ولن يتحقق الاستقرار والسلام، إلا في ظل سوريا جديدة وديمقراطية وتعددية حزبية، ولكن الحل سوف تقرره القوى الفاعلة والمؤثرة كروسيا وتركيا وايران والاتحاد الأوروبي أيضا، ولا شك أن الأمر برز لكل المتابعين أن الاتفاق بين الدول الثلاث على عقد اللقاء كما يقول الكاتب محمد محفوظ، جاء بعد «اتفاق روسيا وتركيا وايران حول مؤتمر آستانة، يزيد من فرص وإمكانية الوصول إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف.. وكلنا أمل أن يتم الاتفاق بما يرضي جميع الأطراف، حتى تتأكد إمكانية الوصول إلى حل سياسي..وكل دول العالم أصبحت معنية بدعم هذا المؤتمر، وتهيئة المناخ والظروف لنجاحه لإنهاء الأزمة السورية بما يرضي جميع السوريين، لأن قراءة الأزمة السورية بشكل موضوعي يجعلنا نعتقد أنه لا حلول عسكرية لهذه الأزمة، ولا يمكن أن ينتصر طرف على آخر عسكرياً.. وهذا يعني حينما تغيب الحلول العسكرية الموصلة إلى إنهاء الأزمة وظاهرة الاقتتال المتبادل، إن الحلول السياسية التي يقدمها مؤتمر الآستانة برعاية روسية وتركية وايرانية قادرة على الوصول إلى حل نهائي لهذه الأزمة وبما يرضي هذا الحل جميع الأطراف المحلية التي تشترك في القتل والاقتتال السوري». ولا شك أن إنهاء الصراع بقوة السلام، لم يحقق كل الأهداف من كل الأطراف، حتى روسيا لم تعد قابلة للاستمرار في الحرب، لأنها مكلفة مالياً، وآثارها السياسية، ربما تكون مشكلة لروسيا مع الدول الغربية، خاصة الاتحاد الأوروبي، الذي يرى أن استمرار الصراع، سيجلب الكثير من هجرات السوريين لأوروبا، وأن بعض المحللين الغربيين يرون بأن روسيا بيدها كل الأوراق الضاغطة على النظام السوري ، وأن ملف الأزمة بيدها منذ عامين، وهذا الأمر أدركته طهران أيضاً وأصبحت متفهمة له ، وهي بلا شك استفادت من الدخل الروسي الجوي، وحقق لها ولبعض الجماعات المؤيدة للنظام، قدرة التحرك في بعض المواقع في حلب وبعض المدن الأخرى، بسبب الغطاء الجوي الروسي، لكن الآن اختلفت الأدوار، وأصبحت روسيا تقترب من آراء بعض الدول الغربية، بالنسبة لقضية مخاطر استمرار الصراع في سوريا، وأثره على كل دول أوروبا مستقبلا، والحل الذي يراه الجميع،هو السلام المقبل الذي يحقق الاستقرار والديمقراطية والتعددية لكل السوريين، إن قدمت كل الأطراف المتصارعة ،المصلحة السورية كبلد وشعب.