كلمة عمان

مؤتمر باريس للسلام ومزاعم إسرائيلية مضللة

14 يناير 2017
14 يناير 2017

بمشاركة نحو 70 دولة من دول العالم وبحضور الرئيس الفلسطيني، تنطلق اليوم في العاصمة الفرنسية باريس اجتماعات مؤتمر السلام في الشرق الأوسط، الذي حاولت إسرائيل باستماتة وبكل السبل الممكنة عرقلته أو تعطيله أو على الأقل الحد من الدول المشاركة فيه. وإذا كان عقد المؤتمر في حد ذاته والاستجابة الدولية الكبيرة للدعوة الفرنسية، تمثل ردا بالغ الدلالة على الصلف الإسرائيلي وعلى الاستهانة الإسرائيلية بالمجتمع الدولي، فإنه من الطبيعي أن تنزعج إسرائيل كثيرا مما يمكن أن يتمخض عنه هذا المؤتمر، والذي يبحث مبادرة فرنسية تسعى إلى استئناف محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وتشكيل لجنة دولية لمتابعة المفاوضات والإشراف عليها، على أن تنتهي تلك المفاوضات في غضون عامين، يتم خلالهما التوصل إلى اتفاق سلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وبضمانة دولية وبما يتيح الفرصة إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل في إطار حل الدولتين .

وإذا كانت فرنسا قد أكدت على أن الشرق الأوسط لن يعرف الاستقرار إلا إذا تم حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، بالنظر الى أن استمرار هذا النزاع، هو ما يسمح باستمرار وتعدد وتنوع صور الاضطراب في الشرق الأوسط، فإن المؤسف هو أن حكومة بنيامين نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل تعاملت مع مؤتمر باريس من منطلق عدائي واضح، وطالبت بدلا من ذلك بمحادثات مباشرة مع الفلسطينيين، وهي مطالبة تنطوي على إنكار صريح وواضح للحقائق التي يعرفها العالم كله، ومن أبرزها استعداد الفلسطينيين للمحادثات، وهو ما أكده الرئيس محمود عباس نفسه، على أن يكون ذلك مرتبطا بالطبع بوقف عمليات الاستيطان، التي تغولت في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية المحتلة، في الآونة الأخيرة، والتي أدانها مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2334 الصادر مؤخرا. فنتانياهو لا يريد وقف الاستيطان، ويريد التفاوض المباشر مع عباس، وكذلك إبعاد أي أطراف دولية يمكنها الضغط على إسرائيل بأي شكل، ولا يريد بالطبع العودة إلى الأمم المتحدة، وهي كلها أمور لا يقبل بها العالم، الذي تيقن على نحو واضح أن إسرائيل تريد فقط تضييع الوقت، وإنهاء أي فرص عملية لتحقيق حل الدولتين على الأرض، وذلك من خلال توسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، ووضع الفلسطينيين والعالم أمام واقع صعب، ولكنه خطير في النهاية، لأنه يشكل وصفة سهلة لإثارة الصدامات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي المنطقة ككل أيضا، وربما تراهن إسرائيل على سوء الأوضاع العربية في هذه الفترة، ولكن المؤكد أن ذلك لن يستمر .

ومع انعقاد مؤتمر باريس للسلام في الشرق الأوسط، فإنه من المأمول أن ينجح المؤتمر في بلورة خارطة طريق في ضوء المبادرة الفرنسية، وعلى نحو يعيد القضية بشكل قوي إلى إشراف ورعاية مجلس الأمن الدولي، الذي تقع عليه مسؤولية مباشرة في وضع حد للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية عام 1967 واستعادة السلام إلى هذه المنطقة الحيوية، التي تشكل مفتاحا رئيسيا للسلام والاستقرار في العالم من حولها .