untitled-1
untitled-1
إشراقات

المعمري: الأمة مطالبة بأن تعتني بالقرآن الكريم وتلوذ بعصمته

29 ديسمبر 2016
29 ديسمبر 2016

إجادة العربية خير معين على تدبره وأخذ الهداية منه -

متابعة: سالم الحسيني -

أوضح فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن سعيد المعمري الأستاذ بكلية العلوم الشرعية أن العناية بالقرآن الكريم يجب أن يكون أول واجبات الأمة في هذا العصر الذي تتنازع فيه الأفكار وتتزاحم فيه الأقدام ويشتد فيه العراك بين بني البشر وهي مطالبة بأن تعتني بكتابها وتلوذ بعصمته وتستمسك بهداه فلا عزة لها ولا سعادة إلا بالقرآن لأنه منبع كل خير ومصدر كل فضيلة وأساس كل عز.

وأشار إلى أن مدارس القرآن الكريم يأتي منها الأمن والاستقرار والإصلاح ومنها تأتي المدنية والعلم.. جاء ذلك في محاضرة لفضيلته تحت عنوان: «كيف ننشئ جيلا قرآنيا».. المزيد من هذه المحاضرة في السطور التالية:

إن العناية بهذا الكتاب العظيم المبارك المجيد المحفوظ يجب أن يكون أول واجبات هذه الأمة في هذا العصر الذي تتنازع فيه الأفكار وتتزاحم فيه الأقدام ويشتد فيه العراك بين بني البشر بل بين قوى الخير وبين قوى الشر، كل يسعى لفرض مبدأه وتحكيم منهجه فأمة القرآن مطالبة بأن تعتني بكتابها وان تلوذ بعصمتها وأن تستمسك بهداها فلا عزة لها إلا بالقرآن ولا هداية لها إلا بالقرآن، ولا سعادة لها إلا بالقرآن، وللأسف الشديد فان بعض من ينتمون الى هذه الأمة يتخلون عن سبب عزهم ويتنكبون عن هذا الصراط المستقيم، وربما بلغ ببعضهم إلا يرضى بأن يقال بأن القرآن هو سبب كل هداية ومصدر كل عز. وان كان ينتمي في الظاهر إلى أمة القرآن، وما ذلك إلا بسبب مرض القلوب وتغلغل حب الدنيا في النفوس والضعف والخور والاستسلام للأعداء لكيد الشيطان وكيد النفس الأمارة بالسوء.

وأضاف: إن على أتباع هذا القرآن أن يأخذوا بالأسباب التي تؤدي بهم إلى ظهور هذا القرآن وغلبته، إلى صعود نجم هذه الأمة التي تتبعه وتعمل به، إلى قوة حضارتها لتشمل العالم كله في سعتها، فكيف نربي جيلا قرآنيا فالواجب علينا جميعا أولا أن نصفي نفوسنا وأن نجرد نياتنا بحيث لا تكون الا لله سبحانه وتعالى فإن العمل يبارك مع الإخلاص ويزكو مع هذا التجرد ويقبل عند الله عز وجل وتزال عنه العوائق والقواطع ويؤيد بالتوفيق من الله سبحانه وتعالى، وهذا شأن كل عمل يخلص فيه عمله صاحبه لله جل وعلا، لأن الله عز وجل وليه ولأن الله تعالى يعين أتباعه إن علم صدق نياتهم (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)، ويقول سبحانه: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) فالله تعالى يأخذ بيد من ينتصر لدينه وينتصر لكتابه ولرسوله صلى الله عليه.. (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) وكذلك يجب علينا أن نتوجه بجهودنا للقرآن الكريم على جميع المستويات أفرادا وجماعات في العناية بالقرآن ليكون أساس كل عناية، وهذا هو واجب الأمة ولا يعني ذلك ان نغفل عن الأشياء الأخرى مما نحتاج اليه من علوم، أو مما تحتاج إليه الأمة من أسباب عزتها في الدنيا، وإنما القصد أن تعتني أولا بالقرآن الكريم ثم تأتي الاهتمامات الأخرى، على ان عنايتها بالقرآن هو الذي يجعلها تعتني بكل الأمور الأخرى، لأن القرآن يربي أصحابه على علو الهمة، وعلى أن يكونوا قادة في هذا العالم، فان اعتنوا بالقرآن سيعتنون بهذه الدنيا ولن يهملوها، لا حبا فيها وإخلادا إليها، ولكن هي محل استعمارهم فيها كما قال الحق سبحانه: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ) فالإنسان خليفة الله في هذه الأرض يستكشف أسرارها ويستخرج كنوزها، ويذلل مكوناتها حتى يستعين بها على القيام بعبادة الله سبحانه وتعالى، فالقرآن اذن هو مصدر كل خير آن اعتني به فسيأتي الاعتناء بغيره، ولكن مع تضييع القرآن يضيع كل شيء بعده. وأضاف: علينا أن نجرد انفسنا وهمتنا لدراسة القرآن وتلاوته وتدبره والعمل به، وحفظه قدر الطاقة لتلاوته في الصلوات وإحياء القلوب به، ومدارسته، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل لابد من تدبر آياته.. (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)، ولأجل القيام بهذا الواجب علينا إنشاء مدارس ومراكز ومعاهد وجامعات للقيام بهذا الفرض الواجب على هذه الأمة. وهذا ليس من نافلة القول أو العمل وإنما هو فرض على هذه الأمة تهلك بتركه وعلى الجميع أن يقوم بهذا الواجب كل بقدر امكانه، ففي الحديث الشريف: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» وقوله صلى الله عليه وسلم: «عَلِّمُوا أَوْلادَكُمُ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَعَلَّمَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ هُوَ». وأكد أن تدبر القرآن إنما يكون مع صحة القصد لأخذ الهداية من القرآن يكون بتعلم لغة القرآن وهي اللغة العربية لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) فكيف يفهم ويتدبر القرآن وقد جعل الناس بينهم وبينه حاجزا فهم لا يتكلون لغة القرآن بل يرون مظهر التقدم بالحديث بلغة غير لغة القرآن وربما يربي بعضهم أولاده على عدم الحديث بلغة القرآن فكيف يكون هذا القرآن مصدر عز لقوم لا يعتنون به والله سبحانه وتعالى يقول: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) فهو مصدر عز للعرب. وأوضح أننا إذا اردنا ان نبني جيلا قرآنيا علينا ان ندرس اللغة العربية بعمق ويجب أن تدرس العلوم التي تعين على فهم القرآن وتدبره فيجب تهيئة معاهد أو مدارس أو مراكز أو الحلق في المساجد لأجل تدبر القرآن كعلوم التفسير وأصول الفقه وعلم التاريخ وعلم الجغرافيا وعلم الفلك وجميع العلوم التي تعين على فهم القرآن، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» وهذا دور العلماء وهو دور الانبياء من قبل.. (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).. مشيرا الى انه اذا لم يكن للعلماء هذا الدور فان الأمة ستنتهي وإذا أردنا الإصلاح علينا الإكثار من مدارس القرآن الكريم فمنها يأتي الأمن والاستقرار ومنها تأتي المدنية والعلم فالطالب الذي يحفظ القرآن الكريم هو الذي سيكون طبيبا ناجحا والطالب الذي تربى على الأخلاق هو سيكون إعلاميا ناجحا ويكون صحفيا ناجحا ويكون جيولوجيا ناجحا لأن هؤلاء سينطلقون من هداية القرآن لديهم حدود يقفون عندها ولديهم أخلاق وآداب يلتزمون بها وما انتشار الأمراض الوبائية الا بسبب ميوعة الأخلاق وانحطاط القيم وانتشار الفساد إلا نتيجة بعد الإنسان عن هذا القرآن فإذن ان اردنا الخير فليكن مصدر الانطلاق هو القرآن لأنه مصدر الإيمان ومصدر العز وهو الذي يدعو الى تكريم الإنسان ويدعو الى الحضارة والمدنية ويدعو الى النظام والى كل فضيلة وينهى عن كل رذيلة وعلينا أن نهيئ بيئة قرآنية وننشئ مجتمعا صالحا ينشأ عليه من يحفظ هذا القرآن الكريم وعلينا أن نربي أنفسنا على الهداية التي يدعو إليها القرآن وبذلك نعيش مع القرآن لتحيا قلوبنا به ونسعى لتعميم هذه التجربة على العالم كله.