randa-s
randa-s
أعمدة

عطر .. الإسلام و(الإتيكيت)

28 ديسمبر 2016
28 ديسمبر 2016

رندة صادق -

(البريستيج) كلمة تستخدم كثيرا من قبل بعض الناس لدلالة على هيئة أوشكل أو وضع الإنسان المعني، الذي يدل على وضعه الاجتماعي والوظيفي وأنا أضيف الديني، وقد باتت هذه الكلمة متداولة باللهجة العامية والمحلية لمجتمعاتنا، وهذه الكلمة الأجنبية تعني:”الوضع أوالإطار الاجتماعي الذي وضع نفسه فيه الإنسان وما يتعلق به من أمور تناسب المكانة أو وضعه الاجتماعي، من خلال تحديد الشخص لنفسه مجموعة معايير في طريقة لبسه وأكله وكلامه وطرق تعامله مع الآخرين وأمام الآخرين” وغالبا ما يستعمل جملة :”بريستيجي لا يسمح “ في بعض المواقف، فمثلا لا يمكن لمدير مدرسة قدوة لتلاميذه أن يقوم بفعل ما يهز صورته ويضعف من حضوره أمام تلامذته.

في حقيقة الأمر إن كلمة (بريستيج) البعض يظنها ادعاء فارغا من قبل من يستعملها، وتعالي على تفاصيل الأحداث التي تدور حوله أو يتقاطع معها، وأنها نوع من الفوقية والغرور الاجتماعي المرضي الذي يبني هوة بين الفرد والمجتمع، وأنها كلمة تدل على مجوعة تصرفات سلبية منفرة من قبل من يقوم بها للآخرين وتترك انطباعات سيئة في المتلقي. في الحقيقة البعض يستخدم هذا المصطلح في مكان لا يعي كونه مناسبا أم لا، ولعلكم تستغربون المقاربة التي أجريها، فالإسلام يشجع على (البريستيج)، لأن للمسلم مجموعة قواعد سلوكية عليه أن يتبناها في تصرفاته اليومية تشير الى وضعه وأخلاقه وطريقة ممارسته لبشريته، فكل تعاليم وآداب وأخلاقيات الإسلام تستهدف سلوكيات المسلم لتحويله الى كائن متحضر السلوك، يتمتع بأخلاق راقية، شفاف المشاعر، وأيضا بمجموعة سلوكيات تشير الى اسلامه، فالمسلم عليه أن يتصرف وفق معايير الإسلام وان يراعي وضعه كمسلم وخاصة في مجتمعات مختلطة الطوائف.

الإسلام واضع مبادئ (البريستيج) الإيجابي والتي هي بمعنى المحافظة على الوضع والصورة الاجتماعية للإنسان المسلم، فلا يتلفظ بألفاظ ركيكة ورخيصة، أو يقوم بممارسات لا تحترم المبادئ، لأنه ينبذ التكبر والمغالاة والتعالي والادعاء، ويؤكد على معايير أخرى مهمة بعيدة عن المظاهر والتكلف، فالإسلام جوهر وقيم، وهو يشدد على الاهتمام بالجانب الأخلاقي والسلوكي الذي يؤدي الى صنع حضارة إسلامية متميزة مهمتها نشر السلوك الأخلاقي الراقي بين أمم الأرض.

أما (الإتيكيت) فهو مفهوم يعكس احترام الشخص لنفسه، واحترامه للآخرين وحسن تعامله مع غيره، وهو فن التصرّف في المواقف المحرجة التي يتعرّض لها الفرد وقدرته على التعامل مع الضغوط، فإذا كان الإيتيكت الذي جاءنا من الغرب يحمل مجموعة قواعد سلوكية علينا تبنيها في المجتمع، فإن الإسلام في جوهره يضم قواعد فن الإتيكيت الذي يقوم على أساس من الأخلاق والسلوكيّات الحميدة، وقد كانت شاملة وواسعة وتضمّ كل أشكال الحياة. لذا وضع فناً (لإتيكيت) الطعام، حيث يجب أن نأكل بيميننا ونأكل ممّا يلينا، وفنّاً لمقابلة الناس بالبسمة والوجه الحسن، وفنّاً خاصّاً للأزواج وتعاملهم فيما بينهم، وغيرها من الأخلاق الحميدة التي علمّنا إيّاها الإسلام وأوصانا على الالتزام بها، ومازالت تندرج تحت فنّ (الإتيكيت) كالإحسان للجار، وإكرام الضيف، وإماطة الأذى عن الطريق، والحياء، وتبادل الهدايا، وإلقاء السلام، وصلة الرحم، وبرّ الوالدين، وغيرها. (بريستيج) أو (أتيكيت) أو قواعد سلوك أو قيم السلوك الإنساني، كلها مصطلحات لا تخرج عن مبادئ الإنسان المسلم الذي هو قدوة لأبناء أمته والى غيره من أبناء الأمم الأخرى، من هنا على الإنسان المسلم أن يكون راقيا في تصرفه متواضعا في كلماته نظيفا وأنيقا بلباسه ولسانه يتمتع بكرم الروح والمادة، حنون، متجذرة فيه كل القيم الإنسانية، يحافظ على إسلامه من خلال شخصيته المسلمة الراقية.

[email protected]

.