أعمدة

وتر -ليست شجاعة

15 ديسمبر 2016
15 ديسمبر 2016

شريفة بنت علي التوبية -

لم يكن شجاعاً بما يكفي حينما أجبروه على الزواج من ابنة عمه، لم يكن شجاعاً أبداً ليقول كلمة لا لهم حينما اتخذوا القرار، لم يكن شجاعاً حينما قال لهم نعم ليرضي رغبتهم العائلية في أن يكون مسماراً في وتد العائلة وحتى لا تذهب ابنة عمه  إلى الغريب، لم تكن شجاعة منه حينما وافق أن يكون سكينهم المغروسة في قلبها منذ اللحظة التي تزوجها فيها بلاحب ولا مودة ولا رحمة، لكنه كان شجاعاً جداً حينما تزوج عليها بعد عدة أعوام وبعد أن أصبح لديه أبناء منها، بحجة أنه لم يحبها ولم يستطع محبتها وأنه ما تزوجها سوى ( زواج عائلي)، لكن ذلك ليس من الشجاعة في شيء قدر ما هي  (نذالة) إذا جاز الوصف، من إنسان كان يجب أن يكون رجلاً منذ البداية أمام مشروع عائلي باهظ الثمن لا يدفعه ولا يتحمل نتائجه سوى المرأة المجبرة على ذلك الزواج.

كم امرأة عرفتها كانت ضحية لزواج عائلي، فتدفع الثمن من سنوات عمرها وسعادتها، وليس أمامها سوى أن تستمر في حياة زوجية ناقصة عدا أن تكون أماً تربي أطفالها وتكمل المشوار معهم ومع رجل لا تحمل معه سوى ذكرى زواج أو لقب مطلقة، ترى ألم تكن الأبوة ناهية له، ألم يكن شجاعاً بما يكفي ليكمل المشوار؟ وأي شجاعة مزيفة تلك التي تأتي فجأة لرجل قرر أن يثأر لقلبه فيمضي نحو حياة أخرى باحثاً فيها عن سعادة مفقودة، ولكن أي طعم لسعادة مسروقة من قلوب صغيرة لأبناء يبحثون عن أبيهم ولا يجدونه إلا كزائر أو عابر؟!

وأي قرار شجاع متأخر جداً اتخّذه حينما استيقظ فجأة ليتزوج من امرأة أخرى يحبها وتحبه كما يقول مضحياً بأبنائه وبها، ليحيا حياته وينسى حياتها وكأن شيئاً لم يكن، متخذاً من شرع الله حجته في الزواج بمثنى وثلاث ورباع، وكم من الحالات التي كنت أظن أنها لم تعد موجودة ولكني شهدتها، يترك فيها الزوج زوجته لأهلها وأهله ليبدأ هو من جديد حكاية وحياة، وأي حياة ستحياها أيها الرجل وأنت قد أضعت وأسأت لحياة امرأة كانت من الممكن أن تحيا حياة سعيدة ومختلفة مع رجل آخر غيرك لولا أنك لم تكن شجاعاً في لحظة مضت، أي حياة ستحياها أيها الرجل المسكين الحائر الذي عرف دربه بعد فوات الأوان ولا أظن أنه اهتدى إليه.