أعمدة

مسؤول الالتزام والبنوك التجارية

11 ديسمبر 2016
11 ديسمبر 2016

لؤي بديع بطاينة -

[email protected] -

إن موضوع الالتزام أخذ وقتا وجهدا كبيرا في إقناع جميع الأطراف بأهميته وضرورته وخصوصا في الشركات المُساهمة العامة على اختلاف أنواعها وأحجامها.

إن موضوع الالتزام أخذ أيضا حيزا كبيرا لدى الباحثين القانونين والماليين وذلك لأهميته القانونية والمالية في التأكد من تطبيق القوانين والتشريعات والقوانين المحلية وما يتطلبها من تعليمات ومُتطلبات ترتئيها القوانين والتعليمات عند تطبيق أي تشريعات قانونية سواء كانت محلية و/‏‏أو دولية.

إن مُصطلح الالتزام له العديد من المعاني الفلسفية والأخلاقية والاجتماعية، فمثلا فلسفيا الالتزام هو جوهر الحياة بمعنى أن الإنسان لا يمكنه أن يعيش بدون مبدأ الالتزام، وأخلاقيا فإن الالتزام هو المحافظة على مكاسب المُجتمع من حيث المنظور العام، أما اجتماعيا فهو تعهد نحو المُجتمع.

إن وظيفة مسؤول الالتزام تُعتبر وظيفة مُستقلة تُحدد، وتُقيّم، وتُقدم النُصح والمَشورة للإدارات التنفيذية ولمجالس الإدارة، وتُراقب، وتُعد التقارير حول مخاطر عدم الالتزام في البنك التجاري أو الاستثماري لمجالس الإدارة والهيئات الرقابية، وتتضمن تلك التقارير أي عقوبات نظامية أو مالية أو إدارية، أو خسائر مالية، مما قد تؤدي تلك العقوبات أو المخاطر أو الخسائر إلى أضرار تؤدي بسمعة البنك إلى المزيد من المخاطر التشغيلية الناتجة عن إخفاقه في الالتزام بالأنظمة والتعليمات والقوانين والضوابط الرقابية، أو الالتزام بمعايير السلوك والممــــارسات المهنية السليمة وفق أفضل الأُسس والقواعد والأعراف المهنية.

وفي البنوك التجارية، يتضمن مفهوم الالتزام مجموعتين من المستويات، الأولى تشمل القواعد والأنظمة الخارجية التي تفرضها الجهات الرقابية والإشرافية المُنظمة للعمل البنكي عموما، مثل الهيئات والمُنظمات الدولية والمحلية المتخصصة بالأنشطة البنكية والتجارية، والمستوى الثاني هو الالتزام للأنظمة الداخلية الخاصة بالبنوك نفسها للمراقبة والإشراف من قبل المؤسسة المالية نفسها لتحقيق الالتزام للقواعد المفروضة من الخارج.

يُعد الالتزام بالأنظمة والمعايير والتعليمات أحد أهم أسس وعوامل نجاح البنوك التجارية، ويُحافظ على سمعتها ومصداقيتها وعلى مصالح المساهمين والمُودعين، ويوفر لها الحماية من العقوبات والغرامات المالية والنظامية. كما يُعد الالتزام مسؤولية شاملة ومتعددة الجوانب، وتـقع على جميع الأطراف في البنك التجاري بدءًا من مجلس الإدارة والإدارة العليا وانتهاءً بجميع الموظفين كل حسب صلاحياته والمهام المناطة به.

وتتلخص وظيفة مسؤول الالتزام في البنوك التجارية على:

توفير الآليات والنظم والأُطر اللازمة التي تكفل مواجهة الجرائم وبوجه خاص مُكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الجهات غير النظامية.

العمل على المُحافظة على القيم والمُمارسات المهنية في الأعمال التجارية والبنكية والمالية.

العمل على مواجهة مخاطر عدم الالتزام بالقوانين والأنظمة والتشريعات والمُتطلبات القانونية والرقابية.

العمل على مد جسور الثقة والتعاون والثقة ما بين البنوك التجارية والجهات الرقابية والتشريعية.

إجراء مراجعة سنوية لجميع التعليمات المدرجة في أدلة السياسات والإجراءات المطبقة في البنك للتأكد من تطابقها وتوافقها مع متطلبات جميع الأنظمة والتعليمات وأنه يتم الالتزام بتطبيقها، وإعداد خطة شاملة للفحص.

إطلاع جميع العاملين بالبنك عن طريق الإدارة العُليا على جميع سياسات وتعليمات الالتزام وما يطرأ عليها من تحديث.

العمل باستمرار على إيجاد بيئة خاصة بالالتزام في البنك ودعم الوعي بأهمية الالتزام وبناء ثقافة التفكير الإيجابي لدى مسؤولي البنك وباقي الموظفين وبناء مفهوم أهمية الالتزام بالأنظمة في البنك بشكل عام والتقيد بذلك أثناء أدائهم لمهام عملهم.

مراجعة واعتماد جميع المنتجات البنكية الحالية والجديدة للتأكد من استيفائها للمُتطلبات النظامية.

تصميم ووضع نظام لإعداد التقارير الداخلية الخاصة بمراقبة الالتزام والتقييم الذاتي لمخاطر عدم الالتزام.

إعداد ورفع تقارير الالتزام لمجلس الإدارة والإدارة العليا ولجنة المخاطر.

وعلى مسؤولي الالتزام أن يكونوا سباقين في تحديد وتوثيق وتقييم مخاطر عدم الالتزام ذات الصلة بنشاطات البنك التجاري (سواء كانت مخاطر نظامية و/‏‏أو مخاطر سُمعة و/‏‏أو مخاطر استراتيجية و/‏‏أو غيرها) ويشمل ذلك تطوير المنتجات الجديدة وممارسات العمل والأنواع الجديدة من الأعمال أو علاقات الزبائن المزمع إنشاؤها أو التغييرات المادية في طبيعة هذه العلاقات وإذا كان في البنك لجنة خاصة بالمُنتجات الجديدة، وضرورة وجوب مُشاركة ممثل عن مسؤول الالتزام في تلك اللجنة.

ويجب أن تكون وظيفة الالتزام والموظفين التابعين لها تمتع بالاستقلالية والصفة المُستقلة داخل البنك التجاري وألا يكون هنالك تضارب في المهام المُسندة إلى مسؤول الالتزام والعاملين في إدارة الالتزام، وأن يكون لمسؤول الالتزام والعاملين في إدارة الالتزام الحق في الحصول على المعلومات أو السجلات أو الملفات والاتصال بمن يلزم من العاملين في البنك التجاري في سبيل تنفيذ ما يُوكل إليهم ويطلب منهم من مهام سواء كانت من قبل الجهات الرقابية أو مجلس الإدارة أو المُساهمين. ويجب أيضا أن تتوفر لهم الحرية الكاملة والمضمونة قانونا وتنظيما في تقديم تقاريرهم إلى الإدارة العليا ومجلس الإدارة وأي لجنة تابعة لهم عند اكتشاف أو تحديد أي نُقاط ضعف دون خشية من ردود الفعل السلبية من قبل الإدارة التنفيذية أو من العاملين بالبنك.

وفي النهاية تنبع أهمية ودور مسؤول الالتزام في أي بنك تجاري من خلال ضرورة وأهمية ووجوب قيام مسؤول الالتزام بأي بنك من التأكد من التزام البنك بتطبيق قانون البنوك وأي تعديلات لاحقة وقانون الشركات التجارية وأي تعديلات لاحقة وعقد التأسيس والنظام الأساسي واللوائح الداخلية للبنك وقانون مُكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والأحكام القضائية الصادرة عنها والتي يكون المصرف طرف فيها واللوائح والتعليمات والمنشورات الصادرة عن البنك المركزي وأيضا مبادئ لجنة بازل والمعايير الصادرة عنها.

وفي النهاية إن وظيفة الالتزام في البنوك التجارية تُعتبر أحد أهم أُسس وعوامل نجاح البنوك كونها تلعب دورا أساسيا في المُحافظة على سمعة ومصداقية البنوك وأيضا حقوق المُساهمين والمودعين.