أعمدة

وتر: بين كل بيت وبيت

07 ديسمبر 2016
07 ديسمبر 2016

شريفة بنت علي التوبية -

تمنيت أن تكون في بلدي مكتبات بعدد صالونات التجميل الموجودة في كل مكان، فأنا أفتقد كثيراً لوجود مكتبة من الممكن أن تكون محطة استراحة أسبوعية لي، تمنيت أن تكون هناك مساحة مغلقة أو مفتوحة برفوف عالية جداً مليئة بالكتب أكون فيها مع أبنائي مساء كل خميس، لكن ذلك أصبح مجرد أمنية، والأمنية شاخت في القلب ولم تتحقق، ففي كل يوم يفتتح صالون تجميل إلى درجة أنها أصبحت كثيرة جدا،ً فبين كل بيت وبيت صالون تجميل، وفي المقابل لا توجد مكتبة واحدة وذلك شيء يشعرك بالإحباط بلا شك، أتساءل فقط: ألهذه الدرجة أصبحنا نهتم بتجميل وجوهنا قبل عقولنا؟!

ليس هناك من سبب لوجود صالونات التجميل الكثيرة سوى أنها لا تخسر أبداً، فهي مشروع مربح كما أخبرتني امرأة مالكة لإحدى هذه الصالونات، وفي المقابل المكتبة مشروع تجاري خاسر كما قال لي أحد الأصدقاء الذي كان يفكر بمشروع مكتبة، لكنه ترك الفكرة لعدم جدواها كما يعتقد، فليس هناك من يقرأ وليس هناك من هو مستعد لأن يدفع المبلغ الذي من الممكن أن تدفعه المرأة في جلسة واحدة في صالون تجميل، وهناك من يعلل بأن القراءة لم تعد كتابا بل أصبحت قراءة سريعة تأتيك وبشكل مجاني عبر رسالة في هاتفك الذكي وعبر قنوات إعلامية اجتماعية مفتوحة أو كتب إلكترونية يمكنك تحميلها مجاناً، فلم تعد حقائبنا مثقلة بالكتب قدر ما هي مثقلة بعلب مكياج متنقلة، أعجب من ذلك التزاحم الكبير في صالونات التجميل ومن غياب باحث عن كتاب أو مكتبة، أعجب كثيراً من تلك القنوات المفتوحة في عالم اليوتيوب التي تتحدث جميعها عن التجميل وآخر ما وصلت إليه الموضة في عالم المكياج، أعجب من تلك الأسعار الخيالية التي من الممكن أن تدفعها إحدانا من أجل أحمر شفاه أو بودرة أو قلم كحل، وإذا تجاوز سعر الكتاب ثلاثة ريالات مثلاً فنعتبره غاليا جداً بينما لا بأس أن تصل علبة كريم أساس لخمسين ريالاً لأنها من علامة تجارية معروفة، ولكن الكتاب لا تسنده علامة تجارية وإنما يعتمد على الفكرة واسم كاتبه ودار النشر، سنظل سوقا مستهلكا وعقلا عقيما لا يقدر على إنتاج فكرة، لن نتقدم ولن نكبر ولن ننمو وسنبقى صغاراً وفي الصف الأخير، فمجتمع لا مكتبة فيه لن يتقدم ولن يتغير، وبيت لا كتاب فيه فهو بيت بلا حياة، وإنسان لا يقرأ ليس لوجوده أثر.